لندن: وليد الأصفر
ابتدأت شركة «موتورولا» المتخصصة بالاتصالات حملة اعلانية تلفازية ضخمة للتأكيد على أنه من الضروري أن تبدأ الأجهزة الالكترونية بالتعامل مع البشر بذكاء أكبر مما هي عليه الآن، هذا إن كانت تتمتع أصلا بأي ذكاء. وتبدي الاعلانات الجديدة قدرا كبيرا من الطرافة، إذ تظهر أشخاصا يتحدثون مع أجهزتهم المختلفة وكأنهم يتحدثون مع بشر عاديين، يطالبونهم فيها بأن عليهم أن يستخدموا «أدمغتهم» من الآن فصاعدا. ففي أحد هذه الاعلانات تظهر مدرسة تشرح باستخدام اللوح والطباشير كيفية تمييز ما يريده الانسان والتعامل معه كما يجب، لنكتشف أن الطلبة هم مجموعة من أجهزة الهواتف النقالة. ويظهر إعلان آخر شخصا يخفف الأمر عن ثلاجة تشعر بالاحباط، حيث ينصحها بأنها بدلا من أن تحزن من انتهاء الحليب فإن عليها أن تبادر وتتصل هي بالمتجر بنفسها لطلب كمية جديدة. وفي إعلان ثالث نرى رجلا وكأنه يتحدث لأولاده عن ضرورة أن يتعلموا من أجل مواجهة مصاعب الحياة قبل انطلاقهم فيها أو ذهابهم للالتحاق بالدراسة، وبجانبه زوجته تذرف الدموع حزنا على فراقهم، لنكتشف أنه يتكلم مع الأجهزة الالكترونية في منزله من تلفاز ومذياع وغيرهما. وهذا عدا عن مجموعة أخرى من السيناريوهات الطريفة. وما تطالب به «موتورولا» لم يعد ضربا من الخيال العلمي، إذ بامكان التقنيات الحديثة المتوفرة حاليا تزويد الأجهزة الالكترونية المختلفة بدرجة من «الذكاء» تعتمد على التقدم في تطوير وصناعة معالجات الكومبيوتر التي يمكن أن تزرع في داخلها، ثم برمجتها لتأدية المهام المطلوبة منها إما بشكل تلقائي مرتبط بتوقيت معين، أو استجابة لمؤثرات مختلفة، بحيث يكون «تصرفها» مناسبا لذلك المؤثر. ولهذا فقد شرعت شركة «موتورولا» في وضع خطة لتحقيق ذلك في المستقبل، بل أنها صنعت نماذج لما يمكن أن تكون عليه الأجهزة الذكية. ولتأكيد التزامها بذلك، أضافت هذه الشركة لشعارها عبارة «الذكاء في كل مكان» (Intelligence Everywhere) ليصبح جزءا من العلامة التجارية لموتورولا.
وكإحدى الخطوات في هذا الاتجاه أعلنت «موتورولا» عن إطلاق أربعة هواتف نقالة جديدة تعتمد على تقنية «جي بي آر أس» (GPRS) في منطقة الشرق الأوسط، وهي V66، و«تايمبورت» 280 (Timeport) و«أكومبلي 008» (Accompli) و«توكأباوت 192» (Talkabout). وكان ذلك في مؤتمر صحافي خاص دعي له ممثلو الصحافة العربية وعقد في مدينة دبي يوم السبت الماضي. وقد مثلت «موتورولا» في هذا المؤتمر مجموعة من كبار موظفي «موتورولا» الشرق الأوسط وشمال افريقيا، هم باتريك موليغان، المدير العام لقسم الاتصالات الشخصية، وفادي قشقوش مدير التسويق، وزوف خان مدير التسويق الاستراتيجي في قطاع حلول الاتصالات العالمية، و«بوب شوكاي» مدير التسويق لمنتجات الجيل الثالث و«أكومبلي» في قطاع الاتصالات الشخصية في الشركة، الذين تحدثوا عن كيف أن شركتهم قد بدأت بالعمل على انتاج أجهزة ذكية تجعل الحياة أسهل في جميع مجالاتها، بما في ذلك القطاعات الإدارية التي تعمل على توفير الأدوات اللازمة لربطها بالتقنية الحديثة.
* «جي بي آر أس» حقيقة في العالم العربي
* وتقنية «جي بي آر أس» التي كنا قد تناولها في «الشرق الأوسط» أكثر من مرة، تعد نقطة متقدمة عن تقنية «واب» التي أتاحت لأول مرة امكانية الوصول إلى الإنترنت من خلال الهواتف النقالة، إلا أنه كان يعيبها بطئها وتكلفتها، في حين أن «جي بي آر أس» تتيح نقل البيانات بسرعات يمكن أن تصل نظريا إلى 114 كيلوبت بالثانية مقارنة مع 9.6 في حالة «واب». ومع أن هاتف «جي بي آر أس» سيبقى متصلا بالإنترنت باستمرار إلا أن مستخدمه لن يتكلف أية مصاريف اضافية إلا في حالة انزاله صفحات الموقع الذي يزوره إلى هاتفه، ولكن بعد الانتهاء من انزالها يمكنه استعراض الصفحة وقراءتها كما يشاء وللمدة التي يرغب بها من دون أن يتكلف أي رسوم زائدة، مما يعني أن هذه التقنية ستتيح امكانية التعلم والاستفادة من الإنترنت بتكلفة أقل. ومقارنة مع تقنية الجيل الثالث (3G) التي تعد بأن تقدم التجربة الأمثل للتعامل مع الإنترنت النقالة، تعتبر تقني «جي بي آر أس» تقنية وسطا ولذلك فإنها تعرف أحيانا بالرمز (2.5G).
وعلى الرغم من أن هذه التقنية ما زالت حديثة التطبيق في جميع أنحاء العالم، إلا أنها بدأت في الظهور في العالم العربي، فمنذ فترة بسيطة أعلنت شركتان من شركات الاتصالات الهاتفية النقالة في لبنان هما «ليبانسل» و«سيليس» عن بدئها في تقديم هذه الخدمة، كما أنه من المتوقع أن تعلن شركة «اتصالات» في الامارات العربية المتحدة عن بدئها في تقديم هذه الخدمة قبل أو أثناء معرض «جيتكس» المقبل، هذا عدا عن شركة الاتصالات الكويتية، وشركة «فاست لينك» في الأردن، و«موبينيل» في مصر، وشركة الاتصالات السعودية، التي يتوقع أن تعلن هي الأخرى عن تقديم هذه الخدمة قبل أو خلال الربع الثاني من العام المقبل، وهي مشاريع ستقدم كلها بالتعاون مع شركة «موتورولا» بوصفها الشركة الوحيدة حاليا التي تقدم أكبر شبكة «جي بي آر أس» تجارية في العالم.
وعلى الرغم من ان البعض يرى أن هذه الخطوة ما زالت مبكرة بالنسبة للمنطقة العربية، يقول باتريك موليغان ان «موتورولا» ترى أن الوقت مناسب جدا حاليا في المنطقة، خاصة أن الأجهزة التي اطلقت تستطيع أن تعمل مع شبكات «جي أس أم» الحالية بالاضافة إلى «جي بي آر أس»، وبالتالي فهي مناسبة للوقت الحالي وللمستقبل القريب. كما أشار الى ان هذا الأمر هو ميزة في الواقع لشركته، إذ أنها الوحيدة التي استطاعت حتى الآن تقديم اربعة أجهزة جديدة بتقنية «جي بي آر أس» وطرحها في الأسواق مقابل أسعار لا تنافس، وهو الأمر الذي لا يستطيع المنافسون تقديمه إلا بعد فترة طويلة. ويذكر أن «موتورولا» كانت قد شحنت حتى الآن مليون جهاز هاتف نقال بتقنية «جي بي آر أس».
* حلول متكاملة لا مجرد هواتف ولاثبات التزامها لم تكتف «موتورولا» بصناعة الأجهزة التي تدعم هذه التقنية الحديثة بل تعمل على تقديمها كجزء من حل شامل، وذلك بتوفير تطبيقات مناسبة لجميع أنواع المستخدمين والأعمال، تقدم المحتوى المناسب والجذاب، وذلك في مجالات التسوق، والتسلية والألعاب، والرياضة، وتطبيقات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ولذلك فقد أقامت خمسة مراكز تابعة لها لتطوير التطبيقات في كل من بريطانيا، والسويد والولايات المتحدة الاميركية، والصين وهونغ كونغ. وتعمل هذه المراكز التي تحمل الاسم «ماغنت» (MAGNET) وهي اختصار لكلمات تعني شبكة «موتورولا» العالمية للتطبيقات، والتي تدعم المطورين التابعين لها والمطورين المستقلين والمؤسسات من أجل العمل على انتاج حلول تناسب الأجهزة النقالة اللاسلكية. ويجدر بالذكر أن «موتورولا» قد تبنت مبدأ نظام التطوير المفتوح، الذي يتيح لجميع من يرغب من المطورين الاطلاع على برمجيات التطبيقات وتعديلها كما يشاؤون، مما يعمل على رفع مستوى التطبيقات وتطورها بسرعة فائقة.
ولجعل تطبيقاتها قابلة للتطبيقات في أجهزة وبيئات عمل مختلفة ستقدم «موتورولا» تطبيقات تعمل اعتمادا على تقنية آمنة هي «جافا J2ME»، حيث أنها تعمل مع شركة «صن مايكروسيستمز» صاحبة هذه التقنية عن قرب، وسيكون جهاز «أكومبلي 008» أول جهاز نقال يجمع بين قوة لغة «جافا» وقوة «جي بي آر أس».
وسيكون من أهم التطبيقات الكبيرة تطبيقا طبيا يتيح الاطلاع على ملفات المرضى ومراجعتها لاسلكيا، من خلال أجهزة «أكومبلي» الذي يتميز بامكانية إغلاق الاتصال بشبكة الهاتف فيه عند خشية تأثير الاتصالات النقالة على أجهزة المستشفيات، مع ابقاء امكانية استخدام الوظائف الأخرى للجهاز بشكل عادي، بالاضافة إلى حلول للتجارة الالكترونية، وحلول للمكاتب النقالة، وخدمات المواقع. ويقول باتريك موليغان «سنشاهد دخول العديدين إلى مجال انتاج التطبيقات المناسبة للأجهزة النقالة، إلا أن اهتمامنا بتقديم النوعية العالية والمطلوبة من التطبيقات حتى لو كان عددها قليلا». ولهذا تقدم في مجال الأعمال مجموعة من التطبيقات المهمة، كما تقدم في مجال التسلية تطبيقات مناسبة مثل برنامج قائمة على لعبة المسابقات الجديدة «من سيربح المليون»، وغيرها.