قصتي المطولة 2 المستقبل المجهول

المستقبل المجهول

كل شيء تمام كل شيء في موضعه سيدي. كل الدعوات وصلت الى اصحابها سيدتي ما هي الا لحظات حتى يصل المدعوون....
-شكرا لكم لوقفتكم معنا...
-آ هنا مكان افتتاح المشروع الاضخم ؟
-اجل هنا...
-لو سمحت سيدي نحن اعضاء التلفزيون جئنا لنقل هذا الحدث الهام.
-عفوا لكنه ليس بهذه الاهمية كما تدعي.
-كيف لا والدكتور الكبير طارق سويدان و العديد من الدكاترة الكبار سيكونون حاضرين بعد برهة.
-يا اخي ليس لي ما اقوله لك سوى ان تسال صاحبة المشروع فهي هناك وان وافقت فمرحبا بك ولتباشر عملك من هذه اللحظة.
وعلى هذا المنوال مرت مرحلة التحضير فالكل واقف على قدم وساق لانجاح افتتاح هذا المشروع المصغر.لم يبقى سوى وصول طائرة المدعوين حتى تباشر مراسيم الافتتاح.....
وصلت الطائرة وذهبت لاستقبالهم انا ورتاج صاحبة المشروع وعدة شخصيات سياسية من العيار الثقيل.......انتقلنا الى موقع الافتتاح وكان الحفل في المستوى وكان ناجحا الى ابعد مما يمكن....
مر اسبوع على افتتاح المشروع كان كل شىء تمام ويبشر بالخير....قامت صاحبة المشروع بشكري قائلة:
’لولاك يا براء لم اكن ادري ماذا افعل’
اجبتها بتواضع:لا لم افعل شيئا يذكر هذا لم يكن سوى رد اعتبار للخير الذي فعلته في حتى انا لو لم توظفيني في هذا المشروع لم اكن اعلم اين ساكون ربما مرمي في الشارع....او قابعا في السجن فانت الاولى بالشكر ولست انا.
مرت سنوات على هذا المشروع وهو يزدهرو يتقدم شيئا فشيئا اطمئنيت على ان كل شيء سيكون على مايرام .سحبت حصتي وانسحبت دون ان الفت الانتباه سافرت الى ساحل العاج الذي لطالما اردت العيش في هذا البلد المسالم .استقليت الطائرة التي تقلني الى فرنسا ومن ثم استقل طائرة اخرى مدينة ابيدجان وما ان نزلت حتى شعرت وكانني في بلدي الثاني .وعاهدت نفسي ان اكون نافعا للمجتمع قمت باكتراء منزل صغير وافتتحت فيه دكانة لبيع التوابل على استرزق والرزق على الله .....امضيت حوالي 10 سنوات اعمل في ذلك الدكان .كان كل شيء على مايرام الا انه حدث مالم يكن في الحسبان فقد اندلعت حرب اهلية بسبب ازمة نقص الغذاء و الفقر فقد صار الاخ يقتل اخاه بسبب قطعة خبز .اشتدت وطات الحرب وتطورت واتسع نطاقها بشكل رهيب حتى شمل كل البلاد و صارت المظاهرات واعمال الشغب تملا المكان واحتدم الصراع بين عناصر الشرطة
و المتظاهرين دام هذا الصراع لاكثر من شهر و في كل مرة كانوا يوقفون او يلقون القبض على آحد المتظاهرين يلقون به في السجن...هذه المرة وقع الاختيار علي.فاتت دورية الشرطة الى منزلي وقامت باعتقالي وما ان وصلنا الى مقر الشرطة حتى باشروا بالتحقيق معي ليتضح لهم اني مقيم بطريقةغير شرعية في هذا البلد فقرروا ارجاعي من حيث اتيت .
لم يكن هناك حل آخرامامي سوى الرجوع الى الجزائر كيف لا وجنسيتي جزائرية ندمت كثيرا لدخولي في تلك المتاهات لدى سفري لكني رجعت الى الجزائر وقررت طي صفحة الماضي وبدء حياتي من جديد .....
*********

في المقابل كانت رتاج مع مشروعها في اوج عطاءه فبفضل الله ورعايته قامت بفتح عدة فروع لمشروعها بدات في البلدان العربية .من دولة قطر الى السعودية فلبنان فسوريا الى ان ازدهر هذا المشروع اصبح ذائع الصيت ومعروف في كل شبر من البلاد العربية .وبعد فترة ليست بالطويلة احتكت ببعض من الجالية الفرنسية المقيمة هنا وقامت بارسال بعض الدعايات والاشهارات معهم الى ان استطاعت فتح اول فرع لها في اوربا وبالتحديد في فرنسا وهي بالد غير مسلمة حيث لاقت رواجا كبيرا خصوصا لما نقلت عدة من الشباب العرب لتشغلهم عندها وقامت ايضا بتشغيل عدد من شباب فرنسا فكان احتكاكهم بالمسلمين ثمرة نجاح فقد تاثرو كثيرا باخلاق المسلمين ومما زاد من فضولهم لما عرفو ان كل هذه الاخلاق نتاجها ديننا الحنيف الذي يدعو بالرافة والاحسان وحسن معاملة الناس فارادو اكتشافه عن قرب مما ادى بهم الى ان يشهروا اسلامهم ..ومن فرنسا نقلت دعاياتها عبر السواح فبلغت بها الى انجلترا فصارت مختلف الصحف العالمية تحكي في صفحاتها عن الفتاة المسلمة التي تجاوزت كل العقبات والتميز العنصري الذي عانى منه المسلمون في اوربا .تحدت كل هذا وكسبت الكثير من الزبائن .هذا ما كتبته صحيفة الصن الانجليزية بالبند العريض ..
-اما انا فكنت اعيش عيشة المتسول في بلادي في النهار اظل طائفا بين الشوارع علي اجد عملا يملا لي ذلك الفراغ الرهيب الذي كنت اعاني منه .كنت احس كاني فرد دون فائدة في هذا المجتمع .فبدات احترف ما حرم الله .من سرقة ونهب المارة وممتلكات الناس حتى صرت المشتبه به والملاحق الاول من طرف شرطة المدينة .وكعادتي في احدى الليالي كانت درجة الحرارة انذاك تقارب درجة التجمد وانا افترش قطعا من الكرتون والتحف السماء ...... اذ لفت نظري ان اضواء القصر الفخم الذي ابيت مقابلا له منطفئة في تلك الليلة ففركت يداي بحماسة وقلت في نفسي هذه الفرصة لا تعوض .تسلحت بالشجاعة وقررت الدخول .فانبهرت بذلك التناسق الذي رتبت عليه الاثاث .وستائر الحرير تزين المكان .وفي وسط القصر نافورة صغيرة مغطات باجفان الورود وعطرها الفواح يعبق المكان مما اضفى على المشهد رونقا وجمالا .واصلت مسيرتي في ذلك القصر حتى وصلت الى احد الابواب الكبيرة فتحته بسرعة لاتحرى عن ما يوجد خلفه وجدت غرفة كبيرة مهيئة بما يليق باستقبال كبار الرؤساء .
فقررت أن أجرب ملمس تلك الأرائك ، جلست على إحداها ومددت ساقي ، شعرت براحة منقطعة النظير ، بعدما كنت أفترش الأرض المؤلمة ، أدركت حينها قيمة النعمة التي هم فيها أهل القصر ، بقيت أفكر وأتعمق حتى أنني لم أدرك كيف غفوت ، لم أفق إلا على صوت أبواق الشرطة تملأالمكان .. كان حينها الوقت صباحا بعدما عاد أهل البيت وجدوني ممددا على الأريكة كالميت ، فقد عرف ابنهم الأكبر أنني اللص المشهور في الحي ، فقرر أن يستغل فرصة نومي ويبلغ الشرطة عن مكاني ، وكان له ما أراد ، اعتقلتني الشرطة بعدة تهم كالاعتداء على ممتلكات الآخرين والسرقات المتكررة ، ولم أكن أملك المال الكافي لتوكيل محام يدافع عني ، فحكم علي منذ الجلسة الأولى بخمس سنوات نافذة لم أكن أملك الحق بالاعتراض ولو ببنت شفة ، أرسلت إلى السجن كنت أكبرهم هناك حيث كنت في الرابعة والخمسين من عمري لكن حركتي ونشاطي الدؤوب جعلاني أبدو في عنفوان شبابي ، الكل يحترمني ، كانوا ينادونني "عمي" .. في كل مساء كنا نجتمع في ساحة السجن فأروي لهم مغامراتي في الصغر وما تعرضت له عندما كنت شابا مراهقا ، إلا أنه لفت انتباهي شاب قابع لوحده لا يشاركنا الحديث ، نادرا ما تراه يتكلم أو يطلب شيئا من أحد ، ظننته مريضا أو ماشابه ، فأردت أن أتقرب منه لأعرف سره .. رفض الحديث إلي في البداية ، لكن بعد أن طمأنته أن سره سيكون في بئر عميقة تنهد بصوت مرتفع وقرر البوح بما يكتمه في جوفه .
(ملاحظة : قصته هي قصة المصير المشؤوم تقرؤونها في العدد اللاحق إن شاء الله ) .
بدت لي قصته مألوفة ، كيف لا وقد عشتها بكل أحداثها وتفاعلت معها ، سأته عن اسم والده فأجاب : "سليم" ، ثم سأته عن اسمه فأجاب : "سفيان" .. آه يا إلهي هذا أنت يا سفيان ؟ لقد تغيرت كثيرا ، فأجابني بعجب : آسف يا سيدي لكنني لم أتعرف عليك .. فكشفت له عن هويتي ، وبعد جهد جهيد تذكرني ، سألته عن مدة حكمه فأجابني أنها ثمان سنوات ، فطمأنته أنه سيجدني بانتظاره بعد خروجه من السجن وسنكمل حياتنا سويا .. مرت خمس سنوات مرور البرق ، لقد حان وقت خروجي إلى الحرية بعد مدة لايمكن أن توصف بالطويلة نظرا لما ارتكبته من أخطاء ، فقد كنت أستحق أن أسجن أكثر من هذه الفترة ، بعد خروجي من السجن قررت أن أغير مجرى حياتي بالعدول عن الأفعال الشنيعة وأعنت توبة نصوحا عن كل ما قترفته في حق الناس وفي حق نفسي ، وبدأت رحلة البحث عن كسب رزق حلال ، لم أكن أعمل عملا ثابتا ، مرة في مقهى فلان ، ومرة في دكان آخر ، صرت لا أبرح المساجد ، وفي يوم من الأيام بينما كنت قابعا في المسجد بعد صلاة الفجر ، إذا بكهل في مثل سني تقريبا يقترب صوبي ، استأذنني بالجلوس ثم باشر بسؤالي عن عملي وعرض علي أن أعمل عنده مقابل أجر لا بأس به ، وشاءت الأقدار أن يكون هذا العمل هو نفس العمل الذي مارسته عندما كنت في ساحل العاج ، وهي بيع التوابل والبقول ، عملت ثلاث سنوات في هذا الدكان ، كانت كافية لأشتري بيتا صغيرا بغرفة واحدة ، وأثناء هذه الفترة كنت أتردد على السجن لزيارة سفيان ، حتى حانت لحظة خروجه من السجن ، فذهبت لانتظاره كما وعدته ، وأخذته معي إلى مسكن ووظفته معي ، وقد ابتسم القدر له فقد توفي صاحب المحل وورثه لي وبدوري ورثته لسفيان لأني لم أعد أقوى على إدارته وحدي فقد كبرت في السن وحان وقت تقاعدي .
نعود للحديث عن ريتاج ، فقد بلغ مشروعها أوج نجاحه ، وبتوفيق من الله فتحت وكالة سفر تنقل الفقراء لأداء مناسك الحج دون مقابل .. وككل موسم يقترب فيه الحج تفتح باب وكالتها على مصراعيه لتدوين أسماء المستفيدين من رحلة العمر ، وبينما هي منهمكة في تدوين الأسماء ، أقبل عليها شيخ طاعن في السن يتكئ على عصا أكل الدهر عليها وشرب ، سألها إن كان بإمكانه الذهاب إلى الحج فطلبت منه الإنتظار حتى يحين دوره .. لما فرغت من عملها طلبت منه التقدم إليها بالملف اللازم .. اطلعت عليه فوجدته كاملا ، ثم قرأت الاسم فبدا لها مألوفا لكنها لم تستطع تذكره ، ثم خاطبته قائلة : ملفك مقبول يا "شيخي" حالما نحدد موعد الرحلة سنأتي لاصطحابك من المنزل .. بعد مضي حوالي أسبوع ، سمعت طرقا خفيفا على الباب ، فتحته فوجدت شابين يافعين ، قالا لي بأدب : هل أنت الشيخ "براء" ؟ أجبت بنعم ، طلبا مني أن أحضر نفسي فقد حان موعد الذهاب إلى الحج .. كدت أفقد عقلي من شدة الفرح ، كيف لا وهي فرصة العمر الوحيدة لمناجاة الله وطلب الغفران لما اقترفته من ذنوب وبعدما أفنيت شبابي فيما لا يرضي الله .. ذهبت برفقتهما إلى المطار ، وصلت متأخرا فوجدت كل الركاب قد استقؤوا أماكنهم .. التهليل والتكبير يملأ المكان ، وريتاج تتنقل بين الحجيج لتسأل عن أحوالهم .. هبطت الطائرة في مطار جدة فتزاحم الحجيج للنزول ، وريتاج تهدئ من روعهم فالجميع سيحج بإذن الله ، ثم التفتت وراءها فإذا بشيخ مازال قابعا مكانه دون حراك ، ظنته نائما فذهبت لإيقاظه لكن دون جدوى ، هزته هزا عنيفا فإذا به يسقط جثة هامدة ، صرخت بأعلى صوتها : أي الإسعـــــــــــاف ؟ وصل الطبيب المكلف بمعاينة الجثة ، وبعد فحصها توجه إلى ريتاج قائلا : الأعمار بيد الله ، القدر لم يسمح له أن يرى أطهر بقاع الأرض .. قرأت ريتاج البطاقة المعلقة عى صدره لتعود بها ذاكرتها إلى زمن قد ولى وغبر ، زمن قد نسجت عليه العنكبوت خيوطها ، يا إلهي إن الشيخ "براء" الذي أعانني في بداية مشروعي .. لولا عونه ما كنت هنا الآن ، وقعت عليها صدمة كبيرة إلى درجة أنها لم تعد تعي ما يحدث .. كانت أسوء رحلة قامت بها طيلة حياتها .. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فسرعان ما تداولت وسائل الإعلام خبر وفاة شيخ طاعن في السن في الرحلة التي قامت بها ريتاج ..فشوهت سمعتها وتغيرت نظرة الناس إليها ، وأثناء التحقيق لكشف ملابسات القضية وبعد تشريح الجثة اتضح أن سبب الوفاة هو نقص التغذية .. بدأ مرضي هذا أثناء تنقلي إلى ساحل العاج ، عندما اندلعت الحرب الأهلية بسب المجاعة ، فمنذ ذلك الوقت اعتدت على طريقة الأكل تلك ، حيث كنت لا آكل إلا نادرا وإن وجدت ما أقتات به فإنه لا يكفي لإشباع جوعي ، ومنذ ذلك الوقت بدأت معاناتي ببطء .
اتجهت أصابع التهام إلى ريتاج بالتقصير في أداء عملها ، حيث كان من المفروض عليها إجراء الفحوصات الطبية اللازمة ، ولو تم ذلك لما سمح لي بالذهاب بسبب المرض ، في المقابل أرادت أن تكفر عن ذنبها فذهبت شخصيا إلى عاهل السعودية خادم الحرمين الشريفين وترجته بالسماح لها بدفني في مكة الطاهرة ، وبعد جهد عسير استطاعت إقناعه ، ولكن ما إن خرجت حتى فوجئت بالشرطة تعتقلها قصد التحقيق معها ، أكدت لهم تعيينها لأطباء أكفاء لمعاينة الحجاج قبل وأثناء وبعد الرحلة ، ولكنها عجزت تبرير سبب الوفاة ، لكن الحقيقة التي دفنت معي هي أنني عانيت التهميش أثناء الفحص الطبي ، حيث كان الطبيب مرتبطا بموعد ، فلم يقم بفحصي كما يجب ، ثم ختم الملف وطالبني بالرحيل على أساس أن صحتي جيدة وأنني في أتم العافية ، وبذلك اتهمت المسكينة بأمر لا ناقة لها فيه ولا جمل وسجنت مظلومة ، ولم تكن تدري ماذا تفعل ..كانت سكريتيرتها الخاصة تزورها بين الفينة والأخرى ، وتؤكد لها أنها ستخرجها من السجن ، لكن بعد فترة انقطعت عنها أخبارها ، فقد أخذها جشعا وأعمى بصيرتها فاستولت على معظم ممتلكاتها بعد أن أوكلت إليها مديرتها تسيير شركاتها فقد وثقت فيها ثقة عمياء ، وهكذا بقيت ريتاج سجينة هواجسها من جهة والسجن من جهة أخرى ، عانت كثيرا زكانت تئن وحدها دون أن يستمع أحد لصدى صوتها .. تبكي وتتضرع لربها لتكفر عن خطيئة ارتكبتها دون قصد ، أتبعت الليل بالنهار وهي قانتة لله عز وجل ، فلم يخيب ظنها وأرسل لها من يحررها .. دون أن تشعر بشيء وجدت نفسها حرة طليقة ، لم تكن تعرف مخلصها ، من يكون ؟ وماهويته ؟ هل هو رجل أم امرأة ؟ .. ذهبت إى مركز الشرطة لتستفسر عن معلومات حول هذا الشخص ، لكن دون جدوى ، لكنها لم تيأس ، بحثت عنه مدة ثلاث سنوات ، إلى أن أرشدت إلى منزل لا يكاد صالحا حتى للحيوانات ، ، طرقت الباب ففتح لها شخص يتجلى المرض على وجهه ، يبدو منهكا وشديد المعاناة ، سألته عن هويته فأجابها إن كان قادرا على مساعدتها ، أعجبت بتواضعه وادعائه بعدم معرفته لها ، وضعت يدها في حقيبتها وأخرجت مبلغا من المال وأعطته إياه ، سألها عن السبب ، فقالت له : اعتبره عربون شكر وعرفان ، أجابها : وماذا فعلت لك حتى أستحق هذا المبلغ ؟ فقالت : اعتبرها هدية ، سألها : ما علاقتي بك حتى تمنحيني هدية ؟ فألحت عليه أن يقبلها ويعتبرها بوابة صداقة جديدة .. صارت تداوم على زيارته أسبوعيا لمنحه مبلغا من المال ، وفي مرة من المرات دعته لتناول الغداء برفقتها في مطعم خمس نجوم كتقدير منها للشخص الذي أعطاها جرعة الحياة وبثها في عروقها من جديد بعدما ألفت حياة السجن ودب اليأس في قلبها .. وصلا إلى المطعم وما إن جلسا حتى بادرت بسؤاله : كيف جاءتك فكرة دفع ذلك المبلغ الكبير لتحريري من السجن ؟ ولم اخترتني من بين كل السجناء ؟ أجب بصراحة فلا داعي للتهرب من الإجابة ، أجابها بنبرة ممزوجة بالحزن والأسى : أنا أعرفك يا سيدة ريتاج حق المعرفة ، فقد أوصاني عنك شخص قبل أن يخطفه الموت .. فقاطعته : من هو هذا الشخص ؟ .. أتريدين حقا أن تعرفي ؟ بالتأكيد لو سمحت .. إنه ذلك الشيخ المسن الذي توفي على متن طائرتك ، توفي ولم يحقق أمنيته وهي رؤية بيت الله الحرام .. انسلت دمعتان على وجنيته دون إدراك .. نعم إنه عمي "براء" أتذكر آخر كلماته عنك قال لي بالحرف الواحد : أبقها صوب عينيك ، لاتحسب كل من حولها يحبونها ، بل كل منهم لديه مصلحة معها وما إن يحصل على ما يريد حتى ينسل كما تخرج الشعرة من العجين ، إنهم يضرونها أكثر مما ينفعونها ، لذا ابقى مترصدا لحركاتها فلا شك أنها ستسقط يوما في شرك الذئاب ، والذئاب البشرية أشد فتكا من الذئاب الحقيقية .. ومنذ ذلك الحين وأنا أتبعك وأراقب تحركاتك دون وعيك ، لكن كل هذا كان في صاحك ، أردت فقط تنفيذ وصية "براء" لأن خيره مازال مطبوعا على ناصيتي ولن أنساه أبدا .. تأثرت ريتاج بكلمات سفيان مما جعلها تغير حياتها كليا .. ندمت كثيرا على تركها لبراء ينسحب من المشروع ، ومنذ ذلك الوقت وهي تساعد الفقراء .. قامت باشتراء منزل وسيارة لسفيان ، وأكملت له نصف دينه حيث زوجته من خيرة نساء البلاد ، وقامت بتوظيفه كمستشار خاص لها .. كل هذا ومازالت ترى أنها لم تجازه بعد بما يستحق .
.
.

موضوع رائع شكرا على المجهود الراااائع.

qqs

قصتي المطولة 2** المستقبل المجهول**

قصتي المطولة 2 المستقبل المجهول