اليهودية: " هي ديانة العبريين(1) ، المنحدرين من إبراهيم u ، والمعروفين بالأسباط (2)من بني إسرائيل"(3).
اليهود : سبب التسمية :
1) قيل : " نسبة لقولهم إنا هدن(4) إليك "(5).
2) وقيل : " أنهم مالوا عن دين موسى u ، أو هم الذين تهودوا (6).
3) وقيل بمعنى عادوا إلى الله ، وإما بمعنى أنهم أولاد يهوذ(7) " (
.
4) وقال أبو عمرو بن العلاء : " سموا بذلك لأنهم يتهودون أي يتحركون عند قراءة التوراة "(9)
المطلب الثاني: نبذة تاريخية موجزة
كان بنو إسرائيل مضطهدين في مصر، لدرجة أن فرعون كان يقتل منهم كل مولود ذكر.
" وقد أمر فرعون بتعذيب بني إسرائيل في مصر بقتل أبنائهم حين ولادتهم ، وإبقاء نسائهم ، قال تعالى :
)وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ، يذبِّحون أبنائكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم(10)( (11) .وعندما ولد موسى u استطاعت أمه أن تخفي خبر مولده ، فلم يتسرب إلى فرعون وحاشيته لمدة 3 أشهر .
" فعندما خافت أن يصل خبر وليدها إلى فرعون وضعته في صندوق ووضعته في النيل بإلهام من الله عز وجل ؛ قال تعالى :) وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ، فإن خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين((12) .
(فالتقطه آل فرعون وجاءوا به إلى بيت فرعون، فأراد فرعون قتله ولكن امرأته منعته من قتله وجادلته فيه حتى اقتنع فامتنع من قتله) (13)،)وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك ، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً((14).
هكذا بدأت قصة سيدنا موسى u - وهي قصة طويلة ليس هذا مجال بحثها - وقد سردها القرآن الكريم في عدد من السور ؛ بحيث كان موسى أكثر الأنبياء ذكراً في القرآن .
بداية الوحي :
بدأ الوحي لسيدنا موسى u عند عودته لمصر ، بعد هروبه منها إلى مدين، عندما قتل رجلاً من المصريين .
ففي طريق عودته من مدين أوحى الله إليه في سيناء ، وأمره أن يذهب هو وأخوه هارون لدعوة فرعون ، وتخليص بني إسرائيل منه ،فأتمر موسى بأمر ربه ، وذهب إلى فرعون ومعه المعجزات التي أيده الله بها . ولكن فرعون الطاغية أعرض وتجبر وتكبر فلم يتبع الحق الذي جاء به موسى . وأمر فرعون بجمع السحرة من جميع أنحاء مصر، واجتمع الناس في يوم الزينة، ووقفت السحرة بين يدي فرعون صفوفاً ، فقال لهم موسى u كما أخبرنا الله ) القوا ما أنتم ملقون، فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ، فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون ((15).ولما رأى السحرة انقلاب عصا موسى التي ألقاها إلى ثعبان مبين ابتلع ما ألقاه السحرة من عصيٍّ وحبال؛ عرفوا أن هذا ليس بسحر وإنما هو معجزة وبرهان على أن موسى رسول من رب العالمين ، فخروا ساجدين لله .)فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون 16(.(17)
فاغتاظ فرعون وقال كما اخبر الله عنه: )قال آمنتم له قبل أن آذن لكم ، إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون ، لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين((18).بعد هذا الطغيان ، قرر موسى u أن يخرج ببني إسرائيل من مصر .قال تعالى :)وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون((19) .
خروج موسى مع بني إسرائيل من مصر :
سار موسى u بقومه . . فلما أحس فرعون بذلك غضب وجمع جنوده ، ولحق بهم ، قال تعالى :)فأرسل فرعون في المدائن حاشرين((20)، فلما تكامل جمعهم سار بهم فرعون يريد اللحاق بموسى وقومه"(21) ." وعند شاطئ البحر أوحى الله تعالى إلى موسى u أن يضرب البحر بعصاه ، فإذا بالماء ينحسر عن اثني عشر طريقاً ، سار فيها بنو إسرائيل ، قال تعالى :)فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم((22). قال ابن عباس رضي الله عنهما
صار البحر اثني عشر طريقاً ، لكل سبط من بني إسرائيل طريق )(23) ،وعندما تبعهم فرعون وجنوده ، انطبق عليهم الماء فغرقوا جميعاً فيه .
"..وقد لحق بهم ، لكن الله أغرقه في اليم ، ونحَّى موسى وقومه " (24).
بني إسرائيل في صحراء سيناء :
بعد أن نجّا الله تعالى موسى وقومه ، واغرق فرعون وجنوده . بعدها ذهب بنو إسرائيل إلى صحراء سيناء ، وتسلم موسى الألواح من الله -سبحانه و تعالى-على الجبل ، وأمره الله تعالى بأن يُدخِل قومه إلى فلسطين .ولكن موسى عليه السلام عندما عاد من ميقات ربه ، وجد قومه قد اتخذوا لهم عجلاً ليعبدوه، فغضب غضباً شديداً ، وأحرق العجل وأمر قومه بأن يدخلوا الأرض المقدسة ، ولكنهم رفضوا وقالوا له ) فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون((25) . فغضب الله عليهم وعاقبهم بالتيه(26) في الصحراء لمدة أربعين عاماً " وشكا موسى أمر بني إسرائيل إلى ربه ،فعاقبهم الله بأن يتيهوا أربعين سنه قبل أن يستقروا في أرض يعيشوا عليها "(27) ."وصعد موسى إلى الجبل ينظر أرض فلسطين ولا يدخلها وهناك مات موسى ودفن كثيب أحمر غريب" (28). وقد مات خلال مدة التيه الكثير من بني إسرائيل وعلى رأسهم موسى u، وأخوه هارون u .
بنو إسرائيل بعد موت موسى u:
قبل أن يموت موسى u ترك لليهود شريعة تكفي لجعلهم مؤمنين موحدين ،" على أن موسى قبل أن يموت كان قد رسم لليهود طريقهم السوي.. الوصايا العشر (29).وكان من أهم هذه الوصايا: الاعتقاد بإلهٍ واحد ؛ ولكن ميل اليهود وحبهم للوثنية جعلهم يتركوا التوحيد ،وتوجهوا لعبادة آلهةٍ أخرى ، لدرجة أنهم عبدوا العجل ، وموسى u لا يزال موجوداً بين ظهرانيهم .
أما بعد أن مات موسى u فقد تمادى اليهود كثيراً في عصيانهم و وثنيتهم .
دخول بني إسرائيل فلسطين :
ويذكر المؤرخون أن الذين كانوا مع موسى ماتوا كلهم في التيه ، باستثناء اثنين ، كان يوشع واحداً منهما "(30) .
فتولى يوشع بن نون القيادة بعد موسى عليه السلام . " يوشع بن نون : تولى القيادة بعد موت موسى – ودخل ببني إسرائيل عن طريق شرقي الأردن إلى أريحا"(31) .بعد أن دخل اليهود فلسطين ، قسموها إلى اثني عشر قسماً بين الاثني عشر سبطاً من بني إسرائيل ، وجعلوا حكامهم من القضاة الذين اتفقوا فيما بعد على إقامة مملكة موحدة ." تقسمت الأرض المفتوحة بين اثني عشر سبطاً ، يحكمهم قضاة من الكهنة...آخر القضاة صموئيل شاؤل ، صار ملكاً عليهم ، وهو الذي يسميه القرآن"طالوت"، وهو الذي قادهم في معارك ضارية ضد من حولهم ، وكان داود واحداً من جنوده "(32) ؛لكن المملكة الموحدة لم تستمر طويلاً ؛ إذا لم يحكمها إلا ثلاثة :شاؤول، داود ،سليمان والذي وصلت المملكة في عهده إلى الذروة .
" والحق لقد كانت أيام حكم سليمان هي أغنى عهود مملكة إسرائيل التي أقامها شاؤول ، وقواها ووسع حدودها الملك داود ، ثم جعلها سليمان أغنى البقاع في المنطقة "(33) ،قال تعالى:)و ورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين ((34)وبعد موت سليمان u انقسمت المملكة إلى مملكتين مما أدى إلى ضعف بني إسرائيل ، فتعرضوا للغزو والسبي ، وتعرض هيكلهم(35) الذي بناه سليمان للهدم على يد (نبو خذ نصر )." وقد دق بنوخذنصر(بختنصر) أورشليم والمعبد ، وسبى اليهود إلى بابل ، وهذا هو التدمير الأول " (36).وبعد فترة من السبي عاد البعض إلى فلسطين ، و تم بناء الهيكل من جديد على يد"هيرودوس" ." ومن سنة (20ق.م)بنى هيرودوس هيكل سليمان من جديد سنة (70 ) م "(37) .
ثم جاء الإمبراطور" تيطس" إلى المدينة وأحرق الهيكل ودمره للمرة الثانية."..حيث دمر الإمبراطور" تيطس" المدينة وأحرق الهيكل . وهذا هو التدمير الثاني " .وبعد ذلك جاء" اوريانوس" سنة 135م ليزيل معالم المدينة تماماً ، ويتخلص من اليهود بقتلهم ، وتشريدهم ، وقد بنى هيكلاً وثنياً أسمه" جوبيتار" مكان الهيكل المقدس ،وقد استمر هذا الهيكل الوثني حتى دمره المسيحيون في عهد الإمبراطور" قسطنطين " (38)." ثم فتح المسلمون فلسطين عام 636 م . وفي عام 1897 م بدأت الحركة الجديدة لليهود ، وهي حركة سياسية شرسة أسسها" هرتزل" الصحفي اليهودي هدفها سياسي.وهو سيطرة اليهود وبسط نفوذهم على العالم بدءاً بإقامة دولة لهم في فلسطين.وقد استمدت الصهيونية فكرها ومعتقداتها من الكتب المقدسة التي حرفها اليهود وصاغت فكرها في " بروتوكولات(39) حكماء صهيون" (40).
المطلب الثالث :عقائدهم
الإله :
1) عقيدة اليهود في أصلها هي عقيدة التوحيد التي جاء بها موسى u.
2) ميل اليهود وحبهم للوثنية جعلهم يبتعدون عن عبادة الله وحده .
"لم يستطع ( بنو إسرائيل ) الاستقرار على عبادة الله الواحد الأحد الذي دعا له الأنبياء ، وكان اتجاههم على التجسيم والتعدد والنفعية واضحاً في جميع مراحل تاريخهم (41).
3) جعلوا لهم إلهاً خاصاً بهم يطلق عليه أسم " يهوه (42)" ثم وصفوه بصفات لا تليق به .
" الإله لديهم أسمه يهوه وهو ليس معصوماً بل يخطئ ويثور ويقع في النوم ، وهو يأمر بالسرقة ، وهو قاسٍ ، متعصب، مدمرٌ لشعبه ، إنه إله بني إسرائيل فقط ، وهو بهذا عدوٌ للآخرين " (43).
4) قالوا إن عزيرٌ ابن الله ، قال تعالى :) وقالت اليهود عزير ابن الله((44) . وذلك لأنه وجد توراة موسى uبعد أن ضاعت ، وأعاد بناء الهيكل .
"عزرا هو الذي أوجد توراة موسى بعد أن ضاعت فبسبب ذلك ، وبسبب إعادته بناء الهيكل سمي عزرا ابن الله "(45.
5) عبدوا العجل والحمل والكبش وقدسوا الحية لدهائها .
من
معتقداتهم :
1) أنهم أبناء الله وأحباؤه . " قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه "(46) .
2) عقيدتهم المحرفة لا تتكلم عن اليوم الآخر ولا البعث والحساب،ولكن تأثر اليهود بالديانة ( الزرادشتية) جعلهم يعتقدون باليوم الآخر ." و( اليهودية ) لا تتكلم عن البعث واليوم الآخر والحساب...غير أنهم اقتبسوا من (الزرادشتية(47) ) الاعتقاد بحياة أخرى بعد الموت.ولأول مرة عرفوا أن هناك جنةً وناراً فنقلوا ذلك الاعتقاد إلى ديانتهم " (48).
3) ديانة اليهود خاصة بهم ، فلا ينسب إليها من اعتنقها من غيرهم بل ولا يُعترف بمن ولد من أم غير يهودية وإن كان أبوه يهودياً .
4) يعتقدون بتابوت العهد الذي يحوي ألواح شريعتهم ؛ " ويعتقد بنو إسرائيل في ( تابوت العهد ) الذي صنعه أسلافهم أن ( موسى ) وضع فيه اللوحين ووضع فيه الذهب و الفضة وبعض المواثيق ، وقال لبني إسرائيل
إنه في هذا الصندوق توجد روح الإله يهوه ) ولم يكن يسمح لأحد أن يمسَّه " (49) .
المطلب الرابع :فرق اليهود
1) الفريسيون : أي المتشددون ، يسمون بالأحبار أو الربانيين ، وهم رهبانيون ، لا يتزوجون ، لكنهم يحافظون على مذاهبهم عن طريق التبني ويعتقدون بالبعث ، والملائكة وبالعالم الآخر (50) . وكانوا من أشد خصوم المسيح : " كانوا من أشد خصوم المسيح خطراً عليه " (51).
2) الصديقيون : وهي تسمية من الأضداء ، لأنهم مشهورون بالإنكار ؛ فهم ينكرون البعث ، والحساب ، والجنة والنار ، وينكرون التلمود ، كما ينكرون الملائكة ، والمسيح المنتظر (52).
3) القرّاؤن : " تأتي تسميتهم من كفرهم بـ المشنا(53) ) والتلمود "(54) .
4) المتعصبون : " هم فرقة كانوا في فلسطين على صلة وثيقة بالفريسيين " (55)،" فكرهم من فكر الفريسيين ، لكنهم اتصفوا بهدم التسامح وبالعدوانية "(56) .
5) الكتبة : مهمتهم كتابه الشريعة: " مجموعة من اليهود كانت مهمتهم كتابة الشريعة لمن يطلبها "(57).وكانوا يقومون بوعظ الناس فكسبوا من وراء هذا الوعظ أموالاً طائلة ، " وقد ثروا ثراء فاحشاً على حساب مدارسهم ومريديهم "58 .
المطلب الخامس :كتبهم
أهم كتب اليهود ما يلي :
العهد القديم": هو الذي وصل إلى اليهود بواسطة الأنبياء الذين كانوا قبل عيسىu" (59)،والعهد القديم ينقسم إلى قسمين :
1) التوراة : خمسة أسفار تنسب للأنبياء وهي
سفر التكوين-سفر الخروج-سفر العدد- سفر التثنية- سفر اللاويين)
2) التلمود : وهو تفسيرات وإيضاحات للتوراة ،كتبها الحاخامات ، ومنـزلته لدى اليهود أهم من منـزلة التوراة : " ويحتل التلمود عند اليهود منـزله مهمة جداً تزيد منـزلة التوراة "(60).
جاء في كتاب شاغيجا"من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت دون من احتقر أقوال التوراة"(61).
وهو يتكون من جزأين :
v متن : ويسمى ( المشنا ) بمعنى المعرفة أو الشريعة المكررة .
vشرح : ويسمى ( جمارا ) ومعناه الإكمال (62).
المطلب الخامس:أعيادهم :
1) عيد الفصح : وهو عيد خروج بني إسرائيل من مصر (63).
2) عيد الظل : وهو عيد زراعي .
3) عيد السبت : ولا يجوز العمل عندهم في هذا اليوم ، لأن الله بزعمهم ارتاح فيه ، بعد أن خلق السماوات والأرض .
4) عيد الحانوكة : عيد له طبيعة سياسية وصهيونية. وهناك عدد آخر من أعياد اليهود كعيد البوريم – وعيد الحصاد – وعيد الأهلة – والهلال الجديد – ويوم التكفير – وزيارة بيت المقدس ،ومعظم هذه الأعياد ليست من أصل الدين اليهودي الذي جاء به موسى